لا أملك ثقافة شرعية كافية تخولني أن أطرح رأي شرعي في مسألة حقيقة تلبس الجن أو عن إمكانية قتل الإنسان بواسطة سحر أو عين ..
ولكني أملك تساؤلات كثيرة تدور وتطحن في رأسي لم أجد عليها نصوص قطعية أو دلائل علمية أو شواهد واقعية عن حقيقة تأثير الجن على الإنسان..
وجود الجن ثابت ولكن تهويل الناس لتأثيرهم إلى حد القوة الخارقة التي تستطيع قتل الإنسان وإمراضه وحمله وإنطاقه !!
هو أمر يثير الفضول ويدعو إلى مزيد من البحث والتقصي ..
كون تلك الروايات التي تأتي دائما ما تكون مبتورة ومفتقرة لدليل أو شهادة العينية من قبل أناس متخصصين ..
كما يثير الإستغراب فعلا هو انتشارها بين المجتمع المسلم فقط وكأن الجن تسلطوا علينا !!
بالطبع لا أنكر حقيقة السحر والعين فقد جاء ذكرهما صريحا في أواخر سورة الفلق لكن السؤال عن حجم ومدى التأثير..
أما مس الجن فلا أجزم بوجوده كون لا يوجد نص صريح في القرآن أو صحيح في السنة..
عندما تستمع إلى حكايا عن القدرات المخيفة للساحر أو العائن تسأل نفسك أين وكالات الأمن والإستخبارات عنهم ؟؟
بدلا من البحث عن تقنيات وأساليب باهظة في الاغتيالات والقتل والتخفي لماذا لا يستعينون بساحر أو بشخص "عينه حاره" !!
لماذا السحر والعين فقط يعيثان بنا نحن (المسلمين) ؟؟
بينما "الكفار" يعيشون حياتهم بلا منغصات من السحرة أو " ناس حسودين " - باستثناء بعض البلدان الأفريقية والآسيوية (الفقيرة)- ..
حسنا .. قد يقال هذه الأمور موجودة عندهم ولكن لا يعرفونها..
هذا الإحتمال وارد ولكن حسبما نسمع ونقرأ في محيطنا فمن الصعب جدا على الناس أن لا يلاحظوا هذه القوى الخارقة..
خاصة وأن المجتمات الغربية تملك مراكز أبحاث لا تترك أي ظاهرة غريبة بدون فحص أو دراسة حتى ظواهر ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا) فإنها تركض خلفها وتخلص بنتائج إما تؤكد أو تنفي وجودها..
إذن حتى هم لم يسجلوا حالات تشابه ما نراه من حسد يردي الإنسان والدابة أو سحر يمحق عائلة كاملة !!
اما بخصوص المس فأعراضه لا تختلف عن الاضطرابات العقلية Mental disorder أو الصرع النفسي..
ما ييثير العجب في الموضوع هو التهويل السائد بين الناس لحجم تأثير الجن وحقيقة اتصالهم مع الإنسان..
هم موجودن يقينا لكن إمكانية رؤيتهم ودخولهم في جسد الإنسان غير قطعي في الدين..
وكل ماورد في ذلك من النصوص الشرعية إما أتى على سياق التشبيه والتمثيل أو أحاديث ضعيفة*..
يهمني الموضوع لسبب وهو استغراق الناس فيه وبمدى تأثيره حتى تشعب وتفرع وأصبح كأنه حقيقة ثابتة..
وكذلك وجود فئة استغلت هذا الخوف لتصنع لها تجارة من ورائه..
وفي ذات الوقت لا يتوقفون عن النفخ فيه حتى يظل الناس تحت رحمتهم وخوفا من تسلط الجان عليهم وعلى ذريتهم..
والسبب الآخر والمهم هو التخلص من مخاوف كثيرة تعشش في عقولنا فقط لأنها سائدة ويؤمن بها الجميع..
الإنسان تحت الخوف لا يستطيع أن يفكر ويبدع ويبتكر وينتج..
ويكون من السهل السيطرة عليه وإقناعه لأنه يشعر أنه مهدد بالخطر..
أتحدث هنا بالعموم عن كل خوف يسكن عقل الإنسان..
مهما يكن مصدره لأن الخوف لا يأتي إلا مع الجهل والتفكيرالجمعي والقناعات البالية..
_____________
*