لم يخطر في بالي أن أعاصر الوقت الذي تصبح فيه فكرة حق اسرائيل بالوجود مقبولة ومتداولة بين أبناء جلدتنا والتطبيع معها (بين الشعوب لا الحكومات) قضية فيها نظر بل أني صعقت عندما عرفت أن جيل نهاية التسعينات وبداية الألفية لا يعرفون عن القضية الفلسطينية واحتلال الأقصى شيئا - لا معلومات جغرافية ولا دينية -وأشد جهلا منهم .. من وصل به اما احباط أو مواقف شخصية إلى أن القضية شأن داخلي بالفلسطينيين ولا علاقة لنا بذلك بأي حال " مادام أهلها فرطوا بها" ومازالنا نسمع من يقول مالذي يمكننا أن نفعله وهو قول ليس بجديد وتكررت هذه القناعة حتى نسي الناس لماذا نكره اسرائيل؟
ومادعاني لكتابة هذه الكلمات أن أبين أن كرهنا للاحتلال الصهيوني هو أقل الايمان لابقاء هذه القضية حية في قلوبناحتى يأتي الله بنصره
إن بغضنا لهم ومقاطعتهم ووقوفنا ضدهم في كل المجالات الممكنة هو جذوة النار التي نعطيها لمن بعدنا حتى يأخذها الجيل الذي يشعل بها فتيل المدافع التي تحطم مساكنهم وتطردهم من الأرض المقدسة..
إني من جيل شهد في بداية مراهقته كل تفاصيل الانتفاضة الثانية في 2000م وحفرت في ذاكرتي إلى الأبد وأصبحت جزءا من تكويني ولم يدر في خلدي أني سأشهد الزمن الذي تصبح قصية وجود الصهاينة مسألة فيها نظر.
بعد الثلاثين وبعد خيبات كثيرة تعلمت أن لا أتبنى أي موقف سياسي وأدافع عنه مهما بدت لي المعطيات واضحة ولا أن أتحمس مع أي رمز سياسي مهما كان بريق الشعارات التي يرفعها لأن المجال السياسي مرواغ متلون لا يوجد فيه حقائق ثابتة وأخبار يقينية ولا معطيات صادقة يمكن أن تبني عليها رأيك وتبني عليها موقفك.
لذلك تخلصت من كل قناعة سياسية سابقة وضيقت المساحة التي أحتفظ بمسلماتها إلا قضية الأقصى المبارك وكراهية كل ما يتعلق بإسرائيل ووجودهم ولعن كل صهيوني على ظهر الأرض فهذا ما أدين الله به ولا أتخلى عنه ما بقي في جسدي عرق ينبض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق